السبت ٨ فبراير ٢٠٢٥ - ١٥:٣٧
الثورة الإسلامية غيّرت معادلات القوة / نُقدّر مهرجان فجر و لكن لا مكان للتساهل في حدود الله و حرماته

حوزه / قال خطيب الجمعة في قم: الشعب الإيراني الذي جاء إلى ساحة الثورة و الدفاع المقدس، لم يغير المعادلات الأمنية و العسكرية و القوة الظاهرة في العالم و المنطقة فحسب، بل غيّر معادلات القوة العميقة.

بحسب مراسل وكالة "حوزه"، قال آية الله عليرضا أعرافي في خطبتي صلاة الجمعة اليوم (۱۹ بهمن ۱۴۰۳) التي أقيمت في مصلى قدس في قم، بمناسبة الذكرى ايام العشر الفجر: عظمة و جلال ثورتكم أيها الشعب الإيراني، الذين اجتمعتم باسم الله و الإسلام و خلقتم أعظم ظاهرة في القرنين الأخيرين، كانت ظاهرة نادرة و فريدة من نوعها، و قد كانت محل دراسات متعددة.

و أضاف: إن أعداء الثورة الإسلامية و خصوم الشعب الإيراني قد درسوا الثورة الإسلامية أكثر من أصدقائها، و كتبوا مقالات و كتباً، و درسوا هذه الظاهرة العظيمة من زوايا متعددة.

و قال إمام الجمعة في قم: إن الجامعة و الحوزة قد قصرت في مواجهة هذه الظاهرة العظيمة، فهذه الحقيقة الثابتة للثورة الإسلامية، التي تتجاوز الأعمال المنجزة، تحتاج إلى تفكير وتدبر ونمذجة ونظرية. الأعداء عملوا على ذلك، ونحن أيضاً يجب أن نعمل.

وتابع: الجامعة و المدرسة و المجتمع و الحوزة يجب أن يتعرفوا على تاريخ الثورة الإسلامية و امتيازاتها و عناصرها الكبرى. هويتنا الإيرانية، هويتنا الإسلامية، و هويتنا الوطنية قد ارتبطت بهذه الثورة العظيمة. يجب أن نعرفها و نعرف الأجيال الجديدة بها.

الثورة الإسلامية كانت حركة من قلب الشعب

و قال خطيب الجمعة في قم: الثورة الإسلامية كانت حركة نشأت من قلب الشعب، و كانت نهضة جماهيرية، حيث تخلّى الشعب عن كل الهويات الفردية و الجماعية و كل ما هو متعلق بالخير الإلهي، و جمعهم حول الثورة الإسلامية. كانت هذه الظاهرة الفريدة من نوعها في تاريخ إيران و العالم.

و أضاف: لو أن الأجيال الشابة اليوم كانت ترى عظمة و جلال فجر الثورة الإسلامية و المفاسد و الهوان في عصر الطاغوت، لكانوا قد فهموا أن الثورة الإسلامية كانت نهضة داخلية لكل الأمة، تفوق كل شعور بالهوية و التحديد.

و أشار إمام الجمعة في قم قائلاً: في الثورة الإسلامية، تركزت آمال الأمة الإيرانية بشكل غير مسبوق حول الإسلام، و كان هذا بين غير المسلمين أيضاً. كانت كل تطلعات الأمة تجمع في نقطة واحدة، و هي الإسلام العظيم، و قد ارتبطت قيم الأمة بالإسلام. فالإيران و الإسلام وصلتا إلى اتحاد دقيق، و أصبحت الإيران مضمحلة في تلك الأهداف السامية للإسلام.

آية الله أعرافي يؤكد:

جميع آمال الأمة تجسدت في الإمام الراحل (ره). الإمام (ره) أصبح مرآة لكامل الأمة الإيرانية، و جميع حب و آمال الأمة تجسدت في الإمام الراحل.

وقال: إن الثورة الإسلامية مستمدة من تاريخ الإسلام الذي يزيد عن ألف سنة، فكل أفكار و أهداف الإسلام قد تركزت في الثورة، و لأول مرة تجسدت شمس الولاية و الحكومة الإلهية على الأرض، و هذا شرف عظيم للشعب الإيراني.

و أشار مدير الحوزات العلمية قائلاً: لقد حققت الثورة الإسلامية إنجازات غير مسبوقة. حاول مثيرو الفتنة أن يتجاهلوا عظمة و جلال الثورة و يقمعوها؛ لكن إنجازات الثورة الإسلامية ليست قليلة. استقلال و حريات الشعب الإيراني، و السير في طريق النمو و التطور اعتماداً على الذات و تحرراً من قوى الشر العالمية، لا يوجد مثله في أي مكان في العالم.

و أوضح قائلاً: لقد واجهنا تحديات كبيرة، و لكننا شهدنا مقاومة غير مسبوقة من الشعب في مواجهة هذه التحديات. النماء الداخلي و إعادة بناء الأمة و الثورة الإسلامية هو أحد خصائص الثورة الإسلامية. في التحديات المتعددة كان هناك تراجع و أضرار، و لكنكم أنتم الشعب الذي نما و تمسك بهذه الثورة و حافظ عليها.

الثورة الإسلامية ترتبط بمفهوم المهدي (عليه السلام)

و قال إمام الجمعة في قم: الثورة الإسلامية لها امتداد عالمي و آفاق أمامية، و هذه واحدة من خصائص الثورة. الثورة الإسلامية ترتبط بالمهدي (عليه السلام)، و لها نظرة عميقة ثقافياً و علمياً و روحياً و إيمانياً للعالم.

و أضاف: صبر الشعب الإيراني و بقاء الثورة هو سمة أخرى للثورة. لم يتخيل أحد أن أمة ستصمد بهذه القوة و المقاومة لمدة نصف قرن. و اليوم، يجب على الأعداء أن يعلموا أن الشعب الإيراني سيبقى صامداً، و بفضل الله سيحمل هذا العلم و يرفعه أعلى من أي وقت مضى.

و تابع قائلاً: أهم إنجازات الشعب الإيراني و الإمامين الثوريين كانت أنهم قدموا نموذجاً جديداً للعالم المعاصر و الإسلام بناءً على قراءة أصيلة و اجتهادية من الإسلام، مع الأخذ في الاعتبار تحولات العصر، و تلبية احتياجات العصر، و توفير مصالح الإنسان المعاصر.

و أشار آية الله أعرافي قائلاً: الشعب الإيراني الذي جاء إلى ساحة الثورة و الدفاع المقدس، لم يغير المعادلات الأمنية و العسكرية و القوة الظاهرة في العالم و المنطقة فحسب، بل غيّر المعادلات العميقة للقوة.

قال: إن حقيقة أمريكا هي نفس غزة، و هذا الوجه الباطني لأمريكا يظهر اليوم بشكل مختلف في القضايا الحالية. يمكنكم رؤية وجه أمريكا الحقيقي في معاناة اللاجئين و المظلومين في غزة و الضاحية. هذا هو الوجه الحقيقي لأمريكا. إذا فُتح الطريق لأمريكا، فإن نفس مصير غزة سيصيب كل مكان. واقع أمريكا هو هراء من شخص يطالب بالاستيلاء على غزة من أهلها.

و أضاف مدير الحوزات العلمية في البلاد: تدمير غزة، إبادة الأجيال فيها، خرق القوانين في العالم، و قسوة أمريكا تجاه أصدقائها هي عناصر جوهرية في هوية المستكبرين الأمريكيين.

و أكد قائلاً: يجب أن نعرف الحقيقة و لا ننخدع، و لا نقول كلمات ضعيفة أو نظهر ضعفاً. المعركة التاريخية و الحضارية هي معركة إيران، و الإسلام، و الثورة الإسلامية. يجب أن نتمتع بوعي عميق و لا نظهر ضعفاً، و أن نثبت أقدامنا. تدمير غزة هو مصير كل الخائنين و الخاضعين. أما فخر غزة فكان لحركة حماس و الجهاد الإسلامي، التي كان الجميع يتوقع سقوطها، لكنها صمدت.

و ذكر خطيب جمعة قم: أنتم، أيها الشعب الإيراني، ستظلون صامدين بصبركم و مقاومتكم. يجب على المسؤولين أن يعرفوا في أي ميدان هم واقفون. و يجب أن تكون مواقفهم دقيقة.

و أشار قائلاً: اليوم، مسألة معيشة الناس و الوضع الاقتصادي يتطلبان الثقة بالنفس، و التخطيط السليم، و آراء المتخصصين. القضايا الثقافية لا مكان فيها للتساهل و المجاملات. نثمن مهرجان فجر لما له من إيجابيات، لكن عندما تُكسر الحدود الإلهية و يُتعدى على الحرمات، لا مجال للتساهل. علينا جميعاً أن نأخذ موقفاً حازماً ضد السفور و كسر الحدود الإيمانية.

و أضاف إمام جمعة قم: شهر شعبان هو شهر النبي (صلى الله عليه وسلم)، و أشكر كل من يساهم في مدينة الجهاد و الاجتهاد في استقبال زوار و محبي الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه).

أسس تعزيز العبادة

في الخطبة الأولى، تحدث آية الله الأعرافي عن الأسس و القواعد التي تعزز و تعميق العبادة، قائلاً: الأصل الأول هو معرفة الله تعالى، معرفة النفس، و معرفة الطريق و المرشد. هذه المعارف تشكل منظومة أساسية لتحرك الإنسان، و إذا لم تكن أساساتها قوية، فلن يجد الإنسان طريق العبادة الحقيقية و العميقة.

و أضاف قائلاً: الأصل الثاني هو المحبة و الاهتمام بالعبادة. إذا اعتبر الإنسان العبادة عبئاً ثقيلاً و لكنه قام بها، فإنه يحقق الحد الأدنى الفقهي للعبادة، و لكن السعي في درجات العبادة يتحقق عندما تصبح العبادة محبوبة في القلب.

و أشار إمام جمعة قم إلى ضرورة أن نعتبر العبادة حاجة، قائلاً: الإنسان لديه نوعان من الاحتياجات، الأول هو سلسلة الاحتياجات المادية و الطبيعية التي تتجسد في اللذات الدنيوية، و هي احتياجات مشتركة بين الإنسان و الحيوان.

و أوضح قائلاً: أما النوع الثاني من الاحتياجات فهو علم و معرفة، و الاحتياج إلى الوقوف أمام الله تعالى، و هذه من أعظم احتياجات الإنسان. هذه الاحتياجات أخفى و أبطأ في الظهور، و لكن هناك من يتجاوز هذه الاحتياجات الطبيعية ليصل إلى احتياجات إنسانية أسمى. من وصل إلى هذا المستوى، فإنهم في ضوء التوحيد، و العبادات، و الدعاء، يلبون احتياجاتهم التي ترفعهم إلى أعلى مراتب الوجود.

و أكد مدير الحوزات العلمية قائلاً: نعيش في عصر كان للإمام الخميني العظيم فيه حضور، حيث ارتقى روحه العباديّة و الروحية إلى مستوى عالٍ جعلته لا يخضع لأي قوة. كان وجود الإمام يمثل كل الفقر أمام الله تعالى، و لهذا كان خالياً من أي قوة شيطانية أو غير إلهية.

و تابع: العبادة هي وسيلة للتقرب إلى الله تعالى، و لا ينبغي أن نظن أن المناجاة و الدعاء مجرد تحية أو أمر عادي و زائد. في داخل الإنسان توجد احتياجات عميقة ترتبط بهذه الأمور.

و ذكر خطيب جمعة قم: يجب أن نبتعد عن عوامل الغفلة. علينا أن نتحرر من القيود لنحضر قلوبنا في محضر الله تعالى. تقوية ذكر الله و التواصل مع الدعاء هو الكيميا التي تغيرنا. إذا خصصنا بعض الوقت في حياتنا للانس بالدعاء و المناجاة، فإن عالمنا الداخلي سينير.

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha